يحتاج العالم اليوم إلى تشريعات وقوانين لمكافحة التغيرات المناخية.
في يوم الجمعة الموافق 30 مايو/أيار 2025، اعتمدت دولة الإمارات المرسوم بقانون اتحادي رقم 11 لسنة 2024 بشأن الحد من آثار تغير المناخ، ودخل حيز التنفيذ، ويُعد هذا القانون أول إطار تشريعي لمكافحة التغيرات المناخية في منطقة الشرق الأوسط، ما يجعله خطوة فعّالة نحو الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والتكيف مع التغيرات المناخية التي تهدد الحياة على سطح الأرض، ومنطقة الشرق الأوسط بصفة خاصة.
قانون إلزامي
يقلل ذلك الإطار التشريعي من انبعاثات الغازات الدفيئة، وفي نفس الوقت يدعم النمو الاقتصادي المستدام. ويُذكر أنّ دولة الإمارات، قد تعهدت بخفض الانبعاثات الدفيئة بنسبة 47% بحلول عام 2035 مقارنة بمستويات عام 2019 في خطتها للمساهمات المحددة وطنيًا التي قدمتها للأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024. ويأتي هذا القانون ليساهم في دفع عجلة تنفيذ خطة الإمارات لخفض انبعاثاتها في القطاعات الرئيسية مثل البنية التحتية، إدارة النفايات، الطاقة وغيرهم، بالإضافة إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
ويُلزم هذا القانون الشركات والمؤسسات بخفض الانبعاثات؛ معتمدًا على نظام القياس والإبلاغ والتحقق MRV وهو نظام يُلزم جميع الشركات والمؤسسات بالإبلاغ عن انبعاثاتها من الغازات الدفيئة، وتكون هناك أطراف ثالثة تتحقق بدقة من الانبعاثات، ويتم تتبع كل البيانات عبر منصات إلكترونية وطنية، ما يجعل نظام القياس والإبلاغ والتحقق صارمًا. وتفرض دولة الإمارات عقوبات في حال عدم تطبيق القانون، بغرامات تتراوح بين 500 ألف إلى 2 مليون درهم 136147.04 دولار - 544588.16. من جانب آخر، يشجع القانون على تطوير الحلول والتقنيات الفعالة لالتقاط الكربون وتطوير أنظمة تداول وتسعير الكربون.
تجارب سابقة
هناك العديد من الدول الأخرى التي لديها تجارب في وضع قوانين لمكافحة التغيرات المناخية، منها:
1- المملكة المتحدة
وضعت المملكة المتحدة قانون تغير المناخ للعام 2008، والذي يهدف إلى وصول المملكة المتحدة لصافي الصفر بحلول عام 2050. من ناحية أخرى، يُلزم القانون الحكومات بإعداد ميزانيات الكربون، وهي تحدد أهدافًا كل 5 سنوات وعلى وزير الدولة وضع السياسات اللازمة لتحقيق تلك الأهداف. كما تلتزم الحكومة بإعداد تقييمات مخاطر تغير المناخ وبرامج التكيف الوطنية.
2- فرنسا
وضعت فرنسا أول إطار تشريعي لمكافحة التغيرات المناخية عبر برنامج وطني صدر عام 2000 بهدف التصدي للتغيرات المناخية. وقد أُدمجت العديد من تدابير ذلك البرنامج في قطاعات متنوعة؛ مثل الطاقة والمالية والزراعة والتخطيط العمراني. ويجدر بالذكر أنّ تلك التدابير كان جزءًا من الاستراتيجية الوطنية لفرنسا للتنمية المستدامة في عام 2003، وتم تحديثها عام 2005.
3- ألمانيا
أقرت ألمانيا قانون العمل المناخي عام 2019، بهدف الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول العام 2050، ثم حدثت القانون لاحقًا للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2045 وأن تكون الانبعاثات سلبية بعد عام 2050.
4- نيوزيلندا
وضعت نيوزيلندا هدفًا تشريعيًا لتحقيق الحياد الكربوني لجميع الغازات الدفيئة باستثناء الميثان الحيوي بحلول العام 2050، بغرض الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون قادر على التكيف مع التغيرات المناخية. لكن هذا الهدف التشريعي لا يعني عدم بذل جهود لخفض انبعاثات الميثان الحيوي، بل إنه يهدف أيضًا إلى خفضه بنسبة تتراوح بين 24 إلى 47% عن مستويات عام 2017.
ركيزة وأولوية
إنّ وضع قوانين تشريعية لمكافحة التغيرات المناخية أصبح ضرورة أكثر من كونه مجرد جهود، ويرجع هذا لعدة أسباب، منها:
1- تقليل الكوارث الطبيعية
تتسبب التغيرات المناخية في تواتر الظواهر الطقسية المتطرفة والكوارث الأخرى المرتبطة بالتغيرات المناخية كالفيضانات والأعاصير وحرائق الغابات والجفاف. لذلك؛ فوضع سياسات تحد من تلك الكوارث من شأنها أن تقلل من المخاطر المرتبطة بها.
2- حماية البيئة والكائنات الحية
تتأثر طبيعة البيئة مع التغيرات في درجات الحرارة، ما يهدد الموائل ويؤثر سلبًا على حياة الكائنات الحية التي تعيش في البيئات المتأثرة. علمًا بأنّ حدوث حالات انقراض من شأنها أن تُحدث خللًا في النظام البيئي، ويستغرق وقتًا لاستعادة توازنه.
3- تعزيز العدالة المناخية
غالبًا تدفع الثمن المجتمعات المحلية التي لم تتسبب في إطلاق انبعاثات الغازات الدفيئة التي قادت إلى ظاهرة الاحتباس الحراري. أما المجتمعات المسؤولة تاريخيًا عن تلك الانبعاثات؛ فقليلًا ما تتأثر؛ ببساطة لأنها قادرة على التكيف مع تلك التغيرات المناخية، ما يحول دون تطبيق العدالة المناخية، لكن تطبيق قوانين تشريعية صارمة، من شأنها أن تساهم في التخفيف من حدة التغيرات المناخية والتكيف معه، ما يساهم بصورة ما في تعزيز العدالة المناخية.
4- التحفيز على الابتكار
تشجع القوانين والتشريعات الصارمة الشركات على الابتكار وتطوير تكنولوجيا جديدة معتمدة على الطاقة المتجددة وتقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ما يحفز على التطور والابتكار وخلق فرص جديدة.
وفقًا لـالمنظمة العالمية للأرصاد الجوية WMO؛ فقد وصل متوسط درجات الحرارة العالمية إلى 1.55 درجة مئوية أعلى من مستويات عصر ما قبل الصناعة في العام 2024. وهذا يهدد تحقيق اتفاق باريس، وينذر بالخطر. لذلك؛ حان الوقت لوضع قوانين صارمة من شأنها أن تضع التغيرات المناخية على قائمة الأولويات لكل البلاد.
تم كتابة الموضوع السابق ضمن موقع الأخبار العالمية بكل حرص وعناية ليكون الخبر الحصري متوفر للجميع